شرم الشيخ- ألقت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون كلمة أمام مؤتمر المانحين من أجل إعادة إعمار غزة المنعقد في مدينة شرم الشيخ المصرية، أكدت فيها على أن "الولايات المتحدة ملتزمة بإحلال السلام الشامل بين إسرائيل وجاراتها العربية، وسوف نسعى لتحقيقه على جبهات متعددة. وكذلك سوف نسعى جاهدين من أجل تطبيق حل الدولتين في النزاع العربي الإسرائيلي." كما أشارت كلينتون إلى أن الولايات المتحدة ستتعاون "مع شركائنا الفلسطينيين، مع الرئيس عباس ورئيس الوزراء فياض، للوفاء بالاحتياجات الملحّة الإنسانية والمالية والأمنية واللازمة للبنية الأساسية.
وقالت: لقد عملنا مع السلطة الفلسطينية لوضع ضمانات تؤكد أن التمويل الذي نقدمه سيُستخدم في المكان ومن أجل الأفراد الذين قصدناهم، ولن ينتهي به المطاف ليصبح في الأيدي الخطأ أو غير المقصودة . كما أوضحت وزيرة الخارجية الأميركية للمجتمعين في شرم الشيخ أن مؤتمرهم "ليس من أجل مواجهة الاحتياجات العاجلة لغزة فحسب، وإنما للتحرك أيضا نحو الأمام في اتجاه تحقيق سلام حقيقي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وبين العرب وإسرائيل.
وأكدت إمكانية تحقيق ذلك " إذا استطاع شركاؤنا الفلسطينيون مواصلة العمل معنا والالتزام بتعهد منظمة التحرير الفلسطينية بنبذ العنف والاعتراف بحق إسرائيل في البقاء". ونوهت كلينتون بأن اللجنة الرباعية ، في تبنيها للمبادئ الخاصة بها، اتفقت مع جامعة الدول العربية على أن مصالح الشعب الفلسطيني تتحقق بأفضل صورة في ظل حكومة تلتزم بتعهدات منظمة التحرير الفلسطينية."
فيما يلي نص كلمة وزيرة الخارجية الأميركية في مؤتمر شرم الشيخ:
بداية النص
وزارة الخارجية الأميركية
مكتب المتحدث الرسمي
شرم الشيخ، مصر
للنشر فورا
2 آذار/مارس 2009
كلمة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودام كلينتون
في المؤتمر الدولي للمانحين
حول دعم الاقتصاد الفلسطيني من أجل إعادة إعمار غزة
وزيرة الخارجية الأميركية: أشكركم شكرا جزيلا. يطيب لي أن أعاود زيارتي لمصر، وأن أكون مع هذا الحشد الكبير الذي يتفانى في سبيل بناء السلام الإقليمي والعالمي . وأود توجيه الشكر للحكومة المصرية ، ولزملائي في الرباعية الدولية ، وللنرويج التي تشارك في الرئاسة، ولكل المشاركين في رعاية المؤتمر، أشكركم جميعا على عقد المؤتمر. واسمحوا لي أن أعبّر عن الامتنان الخاص للرئيس مبارك على كرم ضيافته وجهوده الشخصية في جسر الخلافات وإنهاء النزاع.
وإنني فخورة بوجودي هنا باسم حكومة أوباما- ولكي أنقل الرسالة التالية من رئيسنا الجديد: إن الولايات المتحدة ملتزمة بإحلال السلام الشامل بين إسرائيل وجاراتها العربية، وسوف نسعى لتحقيقه على جبهات متعددة. وكذلك سوف نسعى جاهدين من أجل تطبيق حل الدولتين في النزاع العربي الإسرائيلي. وكدليل على مدى جديتنا، فإن الرئيس أوباما وأنا شخصيا عينا المبعوث الخاص جورج ميتشيل ليتولى قيادة تلك الجهود.
وإننا نشيد بالرئيس عباس على التزامه بالتقدم نحو الأمام، كما نشيد برئيس الوزراء فياض على جهوده من أجل بناء المؤسسات الداعمة للدولة الفلسطينية. وإننا نستلهم من مبادرة السلام العربية التي اقترحها العاهل السعودي جلالة الملك عبد الله بن عبد العزيز وأقرتها جامعة الدول العربية.
إن الوقت عامل جوهري. ولم يعد بمقدورنا أن نتحمل أي نكسات أو تأخير أو أسف على ما كان يمكن أن يحدث لو كانت اتُخذت قرارات مختلفة. وهذا ليس وقت العتاب. فقد آن الأوان للتقدم نحو الأمام.
إننا نجتمع اليوم لكي نبحث في الاحتياجات المطلوبة للأغراض الإنسانية وإعادة الإعمار من أجل الشعب الفلسطيني في أعقاب النزاع الأخير، والولايات المتحدة تنضم إلى آخرين في أن تهب للمساعدة بمنتهى الكرم والعطاء. إن تعهدنا بتقديم ما يزيد على 900 مليون دولار، والذي وضعناه بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية، والذي سيتم عرضه على الكونغرس، سيوفر العون لسكان غزة والضفة الغربية.
إننا جميعا ندرك أن التقدم البشري يعتمد على الروح الإنسانية. إن الطفل الذي ينشأ في غزة بدون مأوى ولا رعاية صحية ولا تعليم، له الحق نفسه المكفول لأي طفل ينشأ في بلادكم أو في بلدي في أن يذهب إلى المدرسة، وأن يعرض على الطبيب، وأن يعيش تحت سقف يحميه. وإن الأم أو الأب في الضفة الغربية الذي يناضل من أجل تحقيق أحلام أبنائه له الحق مثل أي ابوين في أي مكان آخر من العالم في أن يحصل على فرصة عمل جيد، وأن يكون له مسكن مناسب وأن تتوفر له الأدوات اللازمة لتحقيق قدر أكبر من الازدهار والسلام. إن التقدم نحو الأهداف التي نسعى إليها اليوم هنا، من المرجح أن ينبع من توفر الفرصة المتاحة وليس من الأفعال التي لا جدوى لها؛ ومن الأمل وليس من البؤس.
ولذا فإننا سنتعاون مع شركائنا الفلسطينيين، مع الرئيس عباس ورئيس الوزراء فياض، للوفاء بالاحتياجات الملحّة الإنسانية والمالية والأمنية واللازمة للبنية الأساسية. ولقد عملنا مع السلطة الفلسطينية لوضع ضمانات تؤكد أن التمويل الذي نقدمه سيُستخدم في الموقع ومن أجل الأفراد الذين قصدناهم، ولن ينتهي به المطاف ليصبح في الأيدي الخطأ أو غير المقصودة.
وإننا في تعهدنا بتلك الأموال، سنستخدم منهجيْن أحدهما على المدى القصير والآخر على المدى الطويل. فمن غير المناسب أن نكتفي بالاستجابة للاحتياجات الفورية أو المباشرة للشعب الفلسطيني. فاستجابتنا للأزمة الراهنة في غزة لا يمكن أن تكون بمعزل عن جهودنا الأوسع نطاقا لتحقيق السلام الشامل. إن تحركنا الآن هو وحده الذي سيمكننا من تحويل تلك الأزمة إلى فرصة متاحة تقربنا بدرجة أكبر من تحقيق أهدافنا المشتركة.
وبتقديم المساعدات الإنسانية لغزة، فإننا نهدف أيضا إلى تهيئة الظروف لتحقيق قيام الدولة الفلسطينية بشكل كامل- دولة تكون شريكا مسؤولا، يعيش في سلام مع إسرائيل والدول العربية المجاورة؛ ويكون متحملا للمسؤولية أمام شعبه؛ دولة يمكن أن يفخر بها الفلسطينيون في كل مكان وتكون محترمة في جميع أنحاء العالم.
هذه هي الدولة الفلسطينية التي نأمل جميعا في رؤيتها. وهذه هي الدولة الفلسطينية التي علينا التزام بالمساعدة على إقامتها.
وبالنسبة للإسرائيليين، فإن ذلك يعني أن يبينوا للفلسطينيين أن ثمة مزايا للتفاوض إذا كانت غايتهم التحكم بمصيرهم الخاص والعيش بسلام وكرامة في دولة قابلة للحياة إقتصاديا.
وفي ما يتعلق بالدول العربية، سيعني ذلك التوضيح قولا وفعلا أن روح مبادرة السلام العربية يمكن أن تحكم المواقف تجاه إسرائيل حاليا. وبالنسبة لنا جميعا، الدول العربية والمجتمع الدولي الأرحب، سيعني ذلك العمل مع حكومة الشعب الفلسطيني، أي السلطة الفلسطينية، للمساعدة في بناء دولة يمكن أن تلبي التوقعات وتفي بالإلتزامات الدولية.
أما بالنسبة للفلسطينيين، فذلك يعني أن الأوان قد آن لكسر حلقة الرفض والممانعة، وقطع الخيوط التي يشدها أولئك الذين يستغلون معاناة الشعب البريء، وأن يظهروا للعالم أن مواهب ومهارات شعب متميز يمكن أن تُستخدم في البناء والإبداع.
هذا هو السبب في أننا هنا اليوم – ليس من أجل مواجهة الاحتياجات العاجلة لغزة فحسب، وإنما للتحرك نحو الأمام في اتجاه تحقيق سلام حقيقي بين الإسرائيليين والفلسطينيين وبين العرب وإسرائيل.
إن حزمة العون التي نقدمها يُقصد بها تعجيل هذه المهمة وليس تعويقها.
وإن الرئيس عباس من خلال تعهده بالتفاوض مع جيرانه قد أبدى ملامح بارزة تدل على قدراته القيادية، مثلما فعل رئيس الوزراء فياض أيضا، الذي عزز مصداقية حكومته بالشروع في تأسيس إجراءات لوضع الميزانية القومية بحيث تتسم بالشفافية وتفي باحتياجات الشعب الفلسطيني. إنهما قدما لشعبهما خيار مستقبل يتصف بالسلام والاستقلالية والازدهار بدرجة أكبر، وليس العنف والخيارات الزائفة للمتطرفين الذين لا تؤدي خططهم – بما فيها الهجمات الصاروخية المستمرة حتى اليوم- إلا إلى مزيد من المعاناة والمشاق. وينبغي أن تتوقف تلك الهجمات.
إن الأساليب الإيجابية التي حددتها في كلمتي تتيح الفرصة حتى لتحقيق تقدم أكبر إذا استطاع شركاؤنا الفلسطينيون مواصلة العمل معنا والالتزام بتعهد منظمة التحرير الفلسطينية بنبذ العنف والاعتراف بحق إسرائيل في البقاء. وإن اللجنة الرباعية ، في تبنيها للمبادئ الخاصة بها، اتفقت مع جامعة الدول العربية على أن مصالح الشعب الفلسطيني تتحقق بأفضل صورة في ظل حكومة تلتزم بتعهدات منظمة التحرير الفلسطينية.
وإن السلطة الفلسطينية التي تتمسك بتلك المبادئ هي وحدها القادرة على تحقيق طموحات الشعب الفلسطيني في أن يصبح حرا ومستقرا وينعم بالرخاء والسلام ويتحقق له الازدهار في دولة خاصة به قابلة للحياة والاستمرار.
وكما قال الرئيس أوباما، فإن الولايات المتحدة سوف تشارك في هذه المهمة بمنتهى القوة والنشاط والتركيز، في سعيها لتحقيق تقدم حقيقي – تقدم يؤدي إلى تحسين مستوى معيشة وحياة الشعب في غزة والضفة الغربية، وشعب إسرائيل، وشعوب الدول المجاورة في جميع أرجاء المنطقة.
إن تقديم المساعدة للفلسطينيين هي درجة واحدة من درجات السُلّم الذي يقود إلى السلام العربي الإسرائيلي الشامل. ويجب أن نكون راغبين ومستعدين لأن نخطو تلك الخطوة – وخطوات عديدة أخرى معا- حتى نفي بهذا الوعد.
أشكركم شكرا جزيلا.