220 يوماً فقط كانت كافية للبارسا لتحقيق سداسية تاريخية بداها باحراز كاس ملك اسبانيا في 13 مايو الماضي، وانهاها بالتتويج بلقب كاس العالم للاندية في 19 ديسمبر الحالي، وتخللها الفوز بالدوري المحلي في 17 مايو، ودوري ابطال اوروبا في 27 منه، ثم بدا الموسم الجديد بلقبي السوبر الاسباني 23 اغسطس، والسوبر الاوروبي في 28 منه.
لم تحتج البارسا الا لمدة الشهور السبعة (من مايو الى ديسمبر) ق لاحراز هذا الكم من البطولات المتتالية، في حين ان فرقاً اخرى قد تحتاج الى سنين عدة من اجل الظفر ببطولتين متتاليتين، والمثير في الامر ان انجاز برشلونة جاء بعد موسم مخيب جداً خرج منه الفريق خالي الوفاض بقيادة المدرب الهولندي فرانك رايكارد.
ولم يحقق البارساانجازاته غير المسبوقة اعتباطا بل لعبت الاطراف الرئيسية المتمثلة في :الادارة، المدرب واللاعبين،دورها على اكمل وجه . ادارة النادي بقيادة الرئيس خوان لابورتا اتخذت قراراً جريئاً باسناد مهمة التدريب الى ابن النادي بيب غوارديولا بعد انهاء خدمات رايكارد، وتحملت تبعات هذه المغامرة لان تعيين مدرب لا يملك رصيداً كافياً من الخبرة لنادٍ بحجم برشلونة يضم مجموعة من ابرز لاعبي العالم، اقل ما يقال عنه بانه «مغامرة غير مامونة العواقب»، لكن لابورتا تسلح بالشجاعة اللازمة لخوض هذه المغامرة بعد ان لاحظ النجاح الذي يقدمه «بيب» مع الفريق الرديف للنادي.
ووقف لابورتا خلف غوارديولا ومنحه ثقة مطلقة رغم بدايته السيئة، بل ان رئيس النادي وافق على التخلي عن نجوم بحجم البرازيلي رونالدينيو، والبرتغالي ديكو، والكاميروني صامويل ايتو (فيما بعد) فقط لانهم لم يكونوا ضمن خطط المدرب الشاب الجديد.
بدوره لم يخيب غوارديولا ظنون رئيسه، واستطاع بناء فريق لا يقهر، وتمكن من تحقيق المعادلة الصعبة التي يبحث عنها كل المدربين بتقديم المتعة في الاداء والفوز بالنتيجة، فتساقطت الفرق امام العملاق الكاتالوني الواحد تلو الاخر، وكان الكل يُجبر على اللعب بطريقة دفاعية امام برشلونة، ومن يتجرا على خلاف ذلك يكون مصيره مثل ليون الفرنسي وبايرن ميونيخ الالماني وريال مدريد.
ويتميز المدرب الكاتالوني بانه يستطيع استخراج افضل ما عند لاعبيه، وهو ما يؤكده النجم الابرز في الفريق ليونيل ميسي بقوله: «لعب المدرب (غوارديولا) دورا حاسما معي. فهو يفهمني كلاعب كرة قدم وكانسان ولايوجد افضل من ذلك لاي لاعب. انه السر وراء كل ما مررنابه وفزنا به».
وربما كان النجاح المطلق الذي حققه «بيب» مع برشلونة هو الذي دفعه الى عدم اعلان نيته في تمديد عقده الذي ينتهى في نهاية الموسم الحالي، وهو ما جعل وسائل الاعلام تتكهن بانه ينتظر من سيخلف الرئيس لابورتا بعد انتخابات العام المقبل او انه يشعر بالارهاق وينوي الحصول على فترة راحة.
الطرف الثالث والاهم في القصة تمثل في مجموعة مميزة من اللاعبين استطاعت كسب الرهان، وكانت عند الموعد في كل المناسبات، ولا يمكن الحديث عن برشلونة دون ذكر النجم ميسي الذي يكفي الاشارة الى تتويجه بجائزة افضل لاعب التي تمنحها مجلة «فرانس فوتبول» الفرنسية، وفوزه بلقب افضل لاعب في العالم لعام 2009 في الاستفتاء السنوي للاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» لادراك الدور الكبير الذي قام في البطولات الست.
والى جانب ميسي، تالقت اسماء لا يمكن تجاهلها مثل خافي هرنانديز الذي جاء في المركز الثالث في استفتاء «فيفا» خلف البرتغالي كريستيانو رونالدو، اذ يصر المتابعون على ان خافي هو «كلمة السر» في نجاحات برشلونة من خلال قدرته على فرض سيطرة الفريق في منطقة الوسط بمساعدة زميله اندريس انييستا (الخامس في استفتاء فيفا) صاحب الهدف الاهم في الموسم الماضي في مرمى تشلسي الانكليزي وهو الهدف الذي منح برشلونة بطاقة التاهل الى نهائي دوري الابطال.
ولا يمكن نسيان جهود الكاميروني صامويل ايتو الذي سجل 30 هدفاً في الموسم الماضي قبل ان ينتقل الى انتر الايطالي في صفقة تبادلية جاء بموجبها النجم السويدي الانيق زالاتان ابراهيموفيتش الى «نوكامب»، ولم يجد الاخير صعوبة في التاقلم مع ميسي ورفاقه، فسجل 12 هدفاً في 20 مباراة منذ انضمامه بداية الموسم الحالي، في الوقت الذي بدا فيه الفرنسي تييري هنري اقل توهجاً من الموسم الماضي الذي شهد تسجيله 26 هدفاً في جميع المسابقات، لكن المستوى المبهر الذي ظهر به الشاب بيدرو رودريغز اثبت ان النادي يستطيع «صناعة النجوم في الوقت الذي يقوم فيه الاخرون بشرائهم» حسب ما يقول الرئيس لابورتا.
وبرزت اسماء جديدة لتفرض وجودها على الساحة مثل جيرارد بيكيه الذي حجز مكاناً اساسياً في خط الدفاع بجانب القائد كارليس بويول، ولاعب الوسط سيرجيو بوسكيتس الذي اجبر مدرب المنتخب الاسباني فيسنتي دل بوسكي على ضمه الى تشكيلة الفريق خلال تصفيات كاس العالم، دون اغفال الدور الكبير للمالي سيدو كيتا، والعاجي يايا توريه والفرنسي اريك ابيدال، في حين يستحق البرازيلي داني الفيس عبارات الثناء التي تكيلها له الصحافة الكاتالونية قياساً على ما يقوم به في الجهة اليمنى من الملعب. ويتفق الجميع على ان نقطة ضعف برشلونة تكمن في حارس مرماه فيكتور فالديز الذي يصر على استقبال اهداف سهلة جداً كما حدث امام ديبورتيفو لا كورونا في الدوري وامام دينامو كييف في دوري الابطال، لكن احداً لا يستطيع انكار الدور الذي قام به الحارس الكاتالوني في بعض اللقاءات المهمة مثل مباراة اياب نصف نهائي دوري الابطال امام تشلسي، والنهائي امام مان يونايتد.
في يوم 2 مايو الماضي خرجت جماهير برشلونة الى ساحات المدينة احتفالاً بالسداسية التاريخية التي احرزها الفريق في مرمى غريمه التقليدي ريال مدريد في عقر داره «سانتياغو برنابيو»، لكن الجماهير لم تعلم ان ذلك الفوز جاء ممهداً لسداسية تاريخية وضعت النادي على قمة اندية العالم.